السوريون أصحاب الشهادات العليا في مصر .. صعوبة فرص العمل وخيار الهجرة

...

السوريون أصحاب الشهادات العليا في مصر .. صعوبة فرص العمل وخيار الهجرة

Al Aan, 20 Dec 2015

URL: http://www.alaan.tv/news/world-news/145082/syrians-owners-of-higher-education-in-egypt-difficult-jobs-and-the-option-of-immigration
اقتصرت المهن التي جاء بها السوريون إلى مصر على المهن البسيطة ذات الطابع الاستهلاكي والتي تدر لهم الربح السريع. فلما كان الاقتصاد السوري في معظمه يعتمد على الصناعات البسيطة والحرف؛ كان طابع النشاط الاقتصادي الذي أسسوا له في مصر كذلك.

وبالرغم من محاولة التجار السوريون وأصحاب الحرف البسيطة أن يدرسوا متطلبات السوق المصري وإمكانية دخوله وانخراطهم فيه، إلا أن ذلك لم يكن بالأمر السهل بالنسبة لهم. وقد تنوعت تلك النشاطات بين صناعة وبيع الألبسة الجاهزة النسائية وألبسة الأطفال، وافتتاح المطاعم السورية التي حملت أسماء مدنٍ وأحياء سورية مشهورة حاولت أن تعطي انطباعا حميمياً للزوار الذين تنوعوا بين سوريين ومصريين وأردنيين وفلسطينيين وعراقيين.

وقد لقي هذا النوع من النشاط الاقتصادي في البداية ازدهاراً ملحوظاً وتسهيلاتٍ قانونية شجعت على استقطاب رؤوس أموال التجار السوريين، على أمل العودة في القريب العاجل حين تنتهي الحرب.

محاولات فاشلة في العمل

يقول الدكتور "وسام" وهو دكتور حاصل على شهادة الدكتوراه في الأدب العربي من جامعة دمشق: "أتيت أنا وأسرتي وإخوتي الذين يمتهنون صناعة ألبسة الأطفال إلى مصر بعد أن نقلنا مصنعنا الكائن في معضمية الشام بالكامل إلى منطقة جسر العبور هنا، واستأجرنا مكاناً مناسباً للانطلاق بمشروعنا الذي كان مهماً في سوريا؛ ولكن صعوبات واجهتنا تتعلق بالضرائب وسوق التوزيع؛ إذ يبدو أن الذوق الخاص بالسوق المصري مختلف تماماً عن قرينه في سوريا بالإضافة إلى أنه ليس من السهل اختراق السوق المصري هكذا ببساطة!؛ فهم شعب لهم ثقافتهم الخاصة والمختلفة تماماً عن ثقافتنا فيما يتعلق بالأزياء والألوان".

ويضيف: ولضمان نجاح المشروع كان يتوجب علينا أن نغير خطة الإنتاج وهذا أمرٌ يصعب تحقيقه لأن كوادرنا سورية بالكامل، وهنا تجد نفسك أمام فشلين في وقت واحد. فأنت تخرج عن إستراتيجيتك في الإنتاج والتسويق وهو هدر للكثير من رأس المال؛ وخفّض من جودة الإنتاج نتيجة الاضطرار للاستعانة بعدد قليلٍ من الأيدي العاملة، والتسويق بطريقةٍ بدائية نعرض فيها البضاعة على المحال التجارية التي لا تتحمّس أصلاً لشرائها؛ وكثيراً ما كانت تعيد البضاعة أو تمتنع عن شرائها أو سداد ثمنها قبل أن تنفد عندها تماماً بحجة أن لا رواج لها.

ويروي الدكتور "سعيد" المتخصص بالجغرافيا عن تجربته المريرة في العمل التجاري ويقول: "عملت سابقاً في مهنٍ مختلفة وكنت مضطراً بعد الانتهاء من دراستي الأكاديمية أن أجد عملاً مناسباً لي؛ لكن وبكل أسف لم أجد ما هو مناسب مما اضطرني إلى ركن شهادتي العليا على الحائط وأجوب شوارع مصر لأروج لبعض الأقمشة والملابس الجاهزة التي بدأنا أنا وزميلٍ آخر لي بالفعل في إنتاجها؛ بيد أن المشروع لم يتح له أن يرى النور بعد أن لاحظنا أن السوق المحلي هنا رغم محاولاتنا الحثيثة بمجاراته إلا أنه لا يقبل نوعية الأقمشة ولا الموديلات المعروضة؛ وكثيراً ما اضطررنا إلى المحافظات الأخرى ونشر البضاعة في منافذ بيع ومعارض مخصصة للسوريين إلا أن تلك المحاولات لم تؤتي أكلها".

الهجرة كخيار أخير

يقول "أبو أحمد": قدمت إلى مصر بعد أن حصلت على إجازةٍ في التاريخ مباشرةً؛ وقدمت هنا قبل اندلاع الحرب لظروفٍ خاصةٍ؛ وقد اعتمدت في إنشاء مشروعٍ صغير ٍ"ميني ماركت" لكسب الرزق في بلدٍ يعاني أصلاً من بطالة عالية بين صفوف متعلميه. وعلى مستوى الزبائن يقول أبو أحمد: لاحظت منذ بداية الأزمة تجمهراً كبيراً لزبائن سوريين في المنطقة التي أقطنها، ولكن الآن وبعد مرور خمس سنواتٍ كاملة أستطيع أن أوكد لك أن جزءاً كبيراً منهم اضطر للعودة للبلاد أو المغادرة أو اللجوء إلى السفر عن طريق البحر، وأينما تنقلت فلن تلق رواجاً لنشاطٍ اقتصاديٍ سوريٍّ هنا إلا ذلك الذي يتعلق بالمطاعم المتخصصة بالمأكولات السورية التي يقبل عليها كافة شرائح المجتمع السوري والمصري على حدٍّ سواء؛ فضلاً عن كونه يمتاز بالربح والعائد السريع إلى جيوب المستثمرين. وقد نجحت الكثير من تلك المشاريع حتى أن بعضها افتتح على شكل سلسلة مطاعم توظف لديها عمال سوريين ومصريين ليتمكنوا من التفاهم من الزبائن بصورةٍ أفضل!

الدكتور وسام قرر أخذ نصيبه من رأس المال في المصنع والسفر إلى السويد واستقدام أسرته لاحقاً؛ خاصة أن كل محاولاته في العمل بشهادة الدكتوراه باءت بالفشل لكونه لا يحمل جنسية هذا البلد الذي يعاني بالأصل من البطالة.

الدكتور سعيد مني بخسارة كبيرةٍ الأمر الذي دفعه وصديقه إلى تصفية المشروع الصغير، ودفع بصديقه إلى اللجوء إلى تركيا؛ أما هو فيسعى حالياً للذهاب إلى أوروبا.

الجدير بالذكر أن النشاط الاقتصادي السوري في مصر هو نشاطٌ يحاول إثبات ذاته على مستوى الجودة؛ بيد أن تلك المشروعات التي استحدثت على أيدي أصحاب رؤوس أموال غالباً ما منيت بالفشل وواجهت الإفلاس نتيجة المزاحمة مع بضاعة السوق المحلية، أو قلة خبرة السوريين الذين حاولوا إنقاذ رؤوس أموالهم قبل أن تبتلعها مظاهر الحياة ذات النفقات الكبيرة بالأساس.